نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك على الإنترنت. لمعرفة المزيد واختيار خيارات ملفات تعريف الارتباط المناسبة لك، يُرجى زيارة:
في مجال تعليم السنوات المبكرة، نولي اهتماماً كبيراً بالسياق الأصيل الهادف في المرحلة التأسيسية في السنوات المبكرة (EYFS) (DfE 2023). إن البيئات المواتية والعلاقات الدافئة والوقت الكافي للتحدث عن تجاربنا، تُعد من الجوانب الأساسية في دعم الأطفال الصغار في اختياراتهم المرحة والانخراط في اهتماماتهم.
تنص وثيقة Birth to Five Matters (مرحلة التعليم المبكر 2021) بوضوح على أن "السياق يلعب دوراً حاسماً في تنمية الأطفال الصغار جداً والتواصل معهم" (ص 36). عند التفكير في السياق، فإن ما نشير إليه عادةً لا يقتصر فقط على البيئة المادية أو المساحات أو الأماكن، بل يشمل مجموعة من الاعتبارات المهمة لجميع الأطفال الصغار:
شعور الأطفال بالأمان والسعادة، والتقدير، والإحساس بأنهم يُسمعون (ويُستمع إليهم).
التفاعلات المتجاوبة والدافئة والراعية.
مشاركة الأطفال والأسر والمجتمعات في بناء تجارب التعلم المشتركة.
تقدير الأفراد وتجاربهم في سياقاتها الثقافية والمجتمعية، "موارد المعرفة" (Hedges et al 2010; Chesworth 2016).
تجارب التعلم المبكر ذات الصلة والمغزى لجميع الأطفال (Wood 2014).
المساحات والأماكن والمواد (Fairchild 2021)، حيث يُشكَّل المكان من خلال الثقافة والهوية والتاريخ (Tuck and McKenzie 2015).
بناءً على ذلك، يعد السياق أمراً متنوعاً وقوياً وديناميكياً إلى حد كبير، بحيث قد يتغير مع الزمن بالنسبة للأطفال والمجتمعات المختلفة. كما أن السياق يتأثر بالعوامل البيئية والأحداث (مثل الحرب، والفقر، والثروة، والبناء، والعائلات، والسياسة، والصحة). لذلك، تلعب المساحة، والمكان، والجغرافيا، والتاريخ دوراً بالغ الأهمية في حياة الأطفال الصغار جداً والمجتمعات التي ينتمون إليها.
أثناء زيارتي لـ"المدرسة البريطانية بالكويت"، قضيتُ وقتاً مميزاً في الفصول الدراسية، حيث قابلت العديد من الأطفال (والموظفين) الذين اتسموا بالحيوية والتهذيب والحماسة. في أحد الأيام، اقترب مني طفل في الحضانة يبلغ من العمر ثلاث سنوات، ولمس شعري، وقال: "شعرك يشبه الثعابين!". ثم قام بحركة بجسده وذراعيه ليُظهر لي بالضبط كيف أن شعري المُجعّد يشبه الثعابين بالفعل، وقال: "ثعابين في الصحراء". على مرّ السنين، تلقيت العديد من التعليقات حول شعري المجعد، لكن هذا التعليق كان مميزاً للغاية، بالنظر إلى السياق.
الكويت بلد يتبنى ثقافة تتمحور حول أهمية المسؤوليات العائلية والاسترخاء، حيث تشمل عطلات نهاية الأسبوع غالباً رحلات التخييم في الصحراء، والمعروفة في الكويت باسم "كشتات". بالإضافة إلى قضاء وقت عائلي جيد، تعد هذه الرحلات فرصة لإطلاق العنان للخيال حيث يتم نسج القصص مع أبناء العم والإخوة وأفراد الأسرة الآخرين ويستمتع الأطفال باللعب الحر بالرمال. على سبيل المثال، الحيوانات التي قد تعتبر غير معروفة أو غير مألوفة أو حتى مخيفة للعديد من الأطفال الذين يكبرون في أجزاء من العالم الغربي، هي ببساطة جزء من الحياة العادية للعديد من الأطفال الذين نشأوا في الكويت. إن الفهم العميق لكيفية تأثير خلفيات الأطفال وثقافاتهم المتنوعة على اهتماماتهم أمر بالغ الأهمية. وبالفعل، كمعلمين، يجب أن ندرك أهمية ما يمكن تعلمه من البلدان الأصلية للأطفال وبيئاتهم العائلية وسياقاتها الثقافية من أجل اكتساب رؤى قيّمة حول اختياراتهم في اللعب والقدرة على التناغم مع التجارب التي ستجذب خيالهم.
يشكل السياق جميع العمليات في أدمغتنا – الإدراك البصري، التفاعلات الاجتماعية، والعالم من حولنا. على سبيل المثال، المعنى المحدد لأي كائن، كلمة، أو شعور يعتمد على ذلك السياق. كما يمكن أن يُنظر إلى السياق على أنه حقيقي أو متخيل. وهذا تذكير قوي بمدى أهمية السياق والتجارب للأطفال الصغار جداً، ومدى حاجتنا كبالغين لأن نكون مستعدين للتعلم حتى نتمكن من الوصول إلى معرفة وفهم الأطفال.
كمعلمة في أسبوعها الأول في الكويت، وفي محاولة لبناء روابط مع فصلها الدولي الأول، استندت هانا إلى تجربتها السابقة وقدمت بحماس قصة جميلة من مجموعة "بيرسي حارس الحديقة" لنيك باتروورث. أثناء مشاركة القصة مع الأطفال، أصبح واضحاً أن العديد منهم لم يسبق لهم أن صادفوا حيوانات مثل الغرير أو السنجاب، مما جعل النقاش حول القصة يتخذ هدفاً جديداً تماماً.
كان كتاب القصص المألوف والمُحبّب، الذي تستخدمه هانا لدعم استقرار الأطفال في بداية الفصل الدراسي، غريباً تماماً على تلاميذها البالغين من العمر ست سنوات! في تلك اللحظة (ولحسن الحظ في وقت مبكر جداً من مسيرتها الدولية في التعليم)، أدركت هانا كم كان عليها أن تتعلم عن السياقات الشخصية للأطفال – ليس فقط لتتمكن من خلق تجارب ذات معنى لجميع الأطفال، ولكن أيضاً ليكون بإمكان البيئة التعليمية أن تبني شعوراً بالأمان والانتماء.
بعد 8 سنوات، يمكن لهانا أن تؤكد بثقة أن بعض أغنى تجارب التواصل اللغوي بين الأطفال في دار حضانة الشمس المشرقة قد نشأت من رؤى ثقافية اكتسبها الطاقم الأكاديمي من الأطفال ومجتمعاتهم. من سكب القهوة الوهمية من "الدلة" التقليدية، إلى الترابط مع الأصدقاء في مخيمات صنعوها من مواد بسيطة أو في صالوناتهم الصغيرة التي ابتكروها بأنفسهم، كانت هذه التجارب، التي ربما كانت غير مألوفة للمعلمات في السابق، بمثابة طبيعة ثانية للأطفال أنفسهم.
لكي نفهم حقاً وندعم السياقات الفريدة لكل طفل، يجب أن يكون المشرفون على التعليم مستعدين لتخطي حدود مناطق الراحة الخاصة بهم، والخروج عن إطار المألوف، والاستماع والتعلم بفاعلية لتمكين الأطفال من الازدهار والتطوّر.
تلعب الموارد المفتوحة دوراً حيوياً في هذه الرحلة، حيث تُمكّن الأطفال من استكشاف وتفسير المواد والأشياء بطرق لا حصر لها. ومن دون نتائج محددة مسبقاً، يتمتع الأطفال بحرية استخدام خيالهم للإبداع والابتكار، ومن خلال مراقبة ذلك، يمكن للمعلمات ومساعداتهن أن يتعلمن الكثير عن النموذج الفريد لكل طفل وأن يلتقين به في تلك المساحة الخاصة به.
قبل كل شيء، من خلال التعلم عن السياق الفريد للطفل، والاستماع إليه، وتقديره، نتمكن من تنمية فضوله، بالإضافة إلى شعوره بالأمان الذي يمكّنه من استكشاف العالم بثقة. وبذلك، نُهيّئ جميع الأطفال للازدهار في عالم يتطوّر سياقه باستمرار.